القبطان المدير العام
نقاط : 7549
| موضوع: من هنا مر الموت علينا الأحد أغسطس 22, 2010 4:06 pm | |
| مساء يوم الجمعة 14 ماي 2010، ضرب زلزال عنيف بشدة 5,2 درجات على سلم ريشتر مدينة بني يلمان وبالضبط ''ملوزة'' شمال ولاية المسيلة وضواحيها، وحل الفزع في كل أرجاء المدينة، وخرج الناس إلى وسط الشوارع في حالات من الذعر والخوف من ردات الفعل التي تعقب الزلزال.
''النهار'' تنقلت إلى عين المكان وكانت الساعة تشير إلى 00:18 مساء، وقد بدت صورة المدينة عكس التي ألفناها، ''الموت والخراب'' أصبحا الصورة الحية لتلك المدينة الهادئة، وأول وجهة لنا كانت مقر العيادة متعددة الخدمات التي أصبحت عبارة عن أكوام من التراب جراء الضرر الذي لحق بها، وتم تشييد خيم في الساحة من الزرابي التي تطوع بها السكان، وكان الضحايا يفترشون الأرض وذلك لقلة الدعم في تلك اللحظة، وشوهدت سيارات الإسعاف في كل مكان، مع أصواتها التي تحاول شق جموع المواطنين الذين احتشدوا في الطرقات وفي ساحات المدارس، وإلى حد كتابة هذه الأسطر لم تقدم السلطات أي إحصاءات رسمية جديدة ومُحيّنة، لأن المصادر الطبية تفيد بأن القتلى 4 وليس2، إلى جانب حصيلة ثقيلة للمصابين بكسور وجروح طفيفة تقدر بـ 46 جريحا، نظرا إلى قوة الزلزال وهشاشة البنايات التي يعود تاريخ إنشاء بعضها إلى نهاية القرن التاسع عشر، كما هو الشأن بالنسبة إلى السكنات المتواجدة في حي ''سليمان عميرات'' الجلفة سابقا و''حي جبل المعدن''، وامتلأت شوارع المدينة بجموع المواطنين الذين خرجوا مسرعين من سكناتهم، وشوهدت النساء وهن يحملن أولادهن ويهرعن إلى خارج البيوت، وقام التجار بإغلاق محلاتهم بسرعة خشية أن يقوم البعض باستغلال الوضع للقيام بأعمال السرقة، وفي غضون لحظات كان كل سكان مدينة ''بني يلمان'' في الخارج، وقد ظهرت عليهم علامات القلق والتوتر، وذلك للتقصير المسجل من طرف السلطات التي وصلت متأخرة، ومن بين الذين لحقهم الدمار ''بيت الله'' وهو مسجد يتوسط المدينة، شامخ بمناراته تشققت جل جدرانه وأساساته بالرغم من حداثة بنائه الضخم، وهو ما يؤكد علامات الغش في الإنجاز، نفس الشىء بالنسبة إلى مقر البلدية الذي تضررت جدرانه وسقطت أحد أعمدته الأساسية وجل مصابيحه وتشققت أبوابه، وهناك العديد من المؤسسات التربوية التي تضررت من هذا الزلزال. ''النهار'' تنقلت إلى أحد الأحياء الأكثر تضررا وهو حي ''سليمان عميرات'' للوقوف عند حجم الكارثة والمعاناة التي يتخبط فيها السكان، والذي دلنا عليه ''أوعيل بوشيبة'' الذي رافقنا في جميع تنقلاتنا، ونحن في طريقنا إلى الحي المذكور لفت انتباهنا أحد المتضررين وهو يدخل عائلته إلى ''السيارة'' ليقيها من شدة البرد لأن المنطقة تتميز بالبرودة، اقتربنا منه فكشف عن إسمه ويدعى ''مباح كمال'' لديه أسرة تتكون من ٧ أفراد، والذي تضرر منزله أيضا، وأكد لنا بأنه سيقيم الليلة في سيارته وذلك لعدم حصوله على ''خيمة'' تأويه رفقة أسرته، وكانت علامات الأسى بادية على وجهه من سوء التكفل، صمت قليلا ثم انفجر ''عندي إبن عمره 4 سنوات وهو يبكي منذ ساعتين على الحليب ولم تجد أمه كيف تسكته لأن كل شيء تحطم''، يقف ''محمد'' البالغ من العمر 11 عاماً صامتاً ينظر إلى أمه وهي تمسح أرضية بيتهم المدمر بفعل الزلزال الذي ضرب مدينة ''بني يلمان'' ثم يقول: ''أنا خائف من أن يضربنا زلزال آخر''. بعدها تركناه وهو كله أمل في أن يتم التكفل به، انتقلنا بعدها إلى عائلة ''جبارة المبروك '' تتكون من 8 أفراد سقط عليهم المنزل بكامله، وأصيب أفراد الأسرة بكسور وجروح وتم نقل ''نعيمة'' إلى مستشفى عاصمة الولاية ''الزهراوي''، رب الأسرة ''المبروك'' يروي تفاصيل الحادثة قبل وقوع ''الزلزال'' ويقول، أصبت بصداع في رأسي فطلبت من زوجتي بأن تناولني مهدئا للصداع، اهتزت الأرض من تحت أقدامنا وهوى سقف المنزل علينا ـ يتوقف ويبكي ـ والله ثلاث مرات لولا ربي ومن ثم الرجال الذين كانوا خارج منازلهم الذين هبوا لإنقاذنا ''لكنا في عداد الأموات'' فأكوام الحجارة التي تساقطت على أفراد أسرتي بكاملها خلفت هلعا في قلبي لن أنساه. وفي حي جبل المعدن كانت علامات البؤس والحرمان بادية على السكان الذين هبوا للتضامن مع عائلة ''زعبال السعيد'' الذي انهار منزله بالكامل، الحاج السعيد في تصريحه لـ ''النهار'' قال: ''كنت أصلي في المسجد صلاة الجمعة هرعت أجري للوصول إلى البيت ولم أستطع السير من شدة حركة الأرض''، بعدها تتدخل الحاجة ''وصيف ربيحة'' عندما رجت الأرض رجا كنت في فناء المنزل، وذكرتني بالحادثة السابقة التي كانت سنة 1959 في نفس المنطقة، فقمت أحبو مثلما يحبو الصبي للدخول إلى المنزل وإخراج كل من فيه، وبالطبع تمكنت من إخراج كافة أسرتها، لكن الصدمة لازالت تسكن جسدها. وما تجدر الإشارة إليه أن منزل ''زعبال السعيد'' لا يبعد عن موقع الهزة الأرضية سوى بضعة أمتار. دقت عقارب الساعة الثامنة والنصف توجهنا بعدها إلى مقر البلدية بعد أن وصلنا اتصال يفيد بتواجد والي ولاية المسيلة في مقر البلدية، حيث خلية الأزمة التي كانت بصدد حصر الأضرار وتجنيد الإمكانات للتكفل بالمتضررين في أقصر وقت ممكن. وبعد بضع دقائق عقب تصريح والي ولاية المسيلة على المباشر في نشرة الثامنة، تجمهر المتضررون منددين بالتصريحات الكاذبة ـ حسب قولهم ـ بأنه تم التكفل بهم وأن الأمور جد عادية، فيما لا تزال أكثر من 300 عائلة متشردة في العراء في نزاع حول الخيم التي لم تكن في المستوى المطلوب كما ونوعا. فيما أكد والي الولاية للمتضررين بأنه سيتكفل بالبقية غدا.. وهي النقطة التي أثارت ضجة وسط المتضررين، وكانت الساعة تشير إلى العاشرة ليلا، غير أن المساعدات تأخرت في إرسال شاحنات محملة بالمواد الضرورية من بطانيات، خيم وغيرها إلى بلدية بني يلمان.
عليلي. ع
ليلة أخرى من ليالي الرعب يعيشها سكان بني يلمان في المسيلة
ولد عباس.. ''أكسبتنا الكوارث الطبيعية تجربة في التغلب على مثل هذه الظروف''
ولد قابلية: هناك لجان تقنية مهمتها تسجيل دراسة وضعية السكنات
عاش مواطنو بلدية بني يلمان، يوما ثانيا من أيام الرعب جراء الهزة الأرضية التي ضربت المنطقة أول أمس، أين ارتفعت الحصيلة إلى قتيلين و125 جريح و35 مصدوما نفسيا، أما الأضرار التي لحقت بالسكنات والمؤسسات فتم إحصاء 1٧2 مسكن متضرر ومتوسطتين و4 مدارس ابتدائية،فضلا عن مقر البلدية والمركز الثقافي والعيادة المتعددة الخدمات و3 مساجد ومدرسة قرآنية.وبالرغم من برودة الطقس والجو الماطر، إلا أن العديد من السكان فضلوا المبيت في العراء خوفا من الهزات الإرتدادية التي بلغ عددها 22، كانت أعنفها هي التي شهدتها عند منتصف الليل و45 دقيقة، وهو ما دفع بأغلبية السكان إلى المبيت في السيارات والشاحنات وتحت الخيم التي وزعت على المنكوبين، وهي القطرة التي أفاضت الكأس بالنسبة للعديد من المواطنين، حيث عبر لنا الكثير منهم وخاصة بحي محمد بوضياف المعروف بــ''لاسيتي'' عن تذمرهم الشديد كونهم لم يستفيدوا من الخيم بالشكل الكافي، أين صرح لنا ''ع. س'' أن هناك من استفاد من الخيم، في حين يوجد من لم يستفد إطلاقا، ناهيك عن الإعانات التي لم تصل إلى أهلها، في حين أثنى آخرون على القرى والبلديات المجاورة على اعتبار المساعدات التي تم تقديمها لهم، والتي تمثلت في الأغطية والأفرشة والمؤونة.من جهته. أكد رئيس البلدية ''س. ا'' أن الخيم تبقى غير كافية، حيث تم توزيع 80 خيمة ثم 50 أخرى، في حين لم توزع 50 لأنها لا تفي بالغرض كون الطلب متزايد عليها، أما المساعدات والتبرعات التي وصلت إلى الجهة من طرف الهلال الأحمر الجزائري وبعض المؤسسات الخاصة كملبنة الحضنة، فكانت في حدود 2000 خبزة، 2800 كيس حليب، 500 علبة ياغورت و100 جالون زيت سعة 5 لتر. وفي ذات السياق، صرح وزير التضامن والأسرة والجالية المقيمة بالخارج جمال ولد عباس، الذي تنقل لمعاينة الأوضاع بالبلدية، بـ اكتساب الجزائر خبرة في التعامل مع مثل هذه الظروف الصعبة من خلال التجربة، وهو ما يجعلها قادرة على التغلب على مثل هذه الكوارث وهذا بتكاثف الجهود.فيما أكد على أنه يوجد أطباء مختصون لمعالجة المصدومين نفسيا قادرين على مساعدتهم لتجاوز الأزمة، مضيفا أن الخيم والمساعدات ستصل إلى محتاجيها في وقتها المناسب، وفي انتظارها يمكن الإستعانة بالمؤسسات التربوية.أما الوزير المنتدب المكلف بالجماعات المحلية دحو ولد قابلية، فقد أكد على أن هناك لجنة تتكفل بتسجيل ودراسة حالة السكنات حالة بحالة ومن يستحق السكن الجديد أو الإستفادة من عمليات الترميم. مواطنو بني يلمان ثمنوا مجهودات الدولة وعلى رأسهم الوزراء على هذه الإلتفاتة، والتي من شأنها أن تخفف عنهم مصابهم، كما ثمنوا دور السيد والي الولاية على وقفته مع منكوبي الزلزال وما سهره إلى ساعة متأخرة من الليل إلا دليل على ذلك، في حين يبقى البعض من المواطنين ينتظرون الخيم كون أسرهم بها أطفال رضع أو عجائز وشيوخ، كما هو الحال مع ''خالتي الزهرة بلحواس'' المعاقة ذات 80 سنة، الذي أكد لنا الإبن على أنه بات الليل كله في رحلة التنقل مع الوالدة من جهة إلى أخرى، إلا أنه لم يتحصل على خيمة بعد. | |
|